تعليم الرياضيات و التكنولوجيا هي علوم اليوم و في المراحل المتقدمة للدراسة الثانوية و و الجامعية تختلف دراسات الامس. الحقيقة هي ان هذه الدراسات الجديدة اكثر تحدياً و تطوراً من جميع الاختصاصات المهنية العلمية الجامعية مثل الطب و الصيدلة.
الجامعات ايضاً مكلفة هذه الأيام بتحديث التعليم من اجل تحسين أداء الطلبة في فروع العلوم٬ التكنولوجيا٬ الهندسة٫ و الرياضيات. تتميز هذه الفروع بكثافة التعليم و استعمال المختبر بالإضافة الى عمل مشاريع دورية تتميز بشدة التنافس بين الطلبة و الحاجة الى الابتكار . و ما هو ايضاً كثير الملاحظة هو عدم قدرة بعض الطلبة إكمال دراستهم في هذه الفروع بسبب بسبب القلق الذي يعرف بمصطلح كثير التداول و هو STEM Anxiety كما هو معرف في العنوان أعلاه.
تظهر اعراض هذا القلق مع ارتفاع صعوبة تعليم الرياضيات في المراحل الثانوية عموماً٫ و ليس من الغريب ان تلاحظ أداء الطالب في مختلف أنواع الرياضيات و الفيزياء اضعف من أدائه في فروع التعليم الأخرى. ترتفع صعوبة هذه الفروع في التعليم الجامعي بصورة ملحوظة و خاصة في علوم الكمبيوتر و التكنولوجيا ٫ و في هذه المرحلة ايضاً تظهر اعراض قلق STEM في مجموعة جديدة من الطلبة٫ و بسبب ذلك ترى البعض منهم ينتقل الى اختصاص اخر في نهاية العام الأول او الثاني.
الاعراض عموماً تبدأ بانزعاج من المادة الجديدة. يتطور هذا الانزعاج تدريجياً الى خوف من المادة و بالتالي يتحول الخوف تدريجياً الى تجنب تعلم المادة نفسها.
قلق STEM عموماً اكثر ملاحظةً في الاناث مقارنة بالذكور٫ و ربما تفسير الظاهرة يكمن في العرف المتاداول بان الاناث لا تبدع في هذه المادة و الذي يوصف التهديد النمطي Stereotype Threat او التحيز المستند على الهوية الجنسية Gender-Based Bias٬ و يمكن إضافة عدم وجود نماذج أنثوية تشجع الاناث على مواجهة تحديات STEM و هذا ما نسميه غياب نماذج الدور الغير نمطية Non- Stereotypical Role Models.
الدوائر العصبية في الدماغ لا يسهل تعدادها و لكن الذي نعرفه اكثر من ١٠٠ بليون نقطة اتصال بين خلية عصبية و أخرى و حين تكتب هذا الرقم 1000 000 000 000 000تدرك عظمة هذا الجهاز. من اجل تبسيط الموضع يمكن القول بان هناك ما نسميه باحات ترابطية association areas احدها في النصف الخلفي من الدماغ و تدعى الفصيص الجداري السفلي inferior parietal lobule. تستلم هذه المنطقة مختلف الإشارات البصرية و السمعية و الذكريات و الاحسايس و ترسلها صوب باحة ترابطية في النصف الأمامي من الدماغ و نسميها الباحة امام الجبهية prefrontal area. الباحة الأخيرة هي التي تتحكم في الوظائف الإدارية العليا للإنسان كما هو موضح في الجدول ادناه.
التخطيط و التنظيم | Planning & Organisation |
مرونة التفكير | Flexible Thinking |
رصد الأداء | Monitoring Performance |
تعدد المهام | Multi-tasking |
حل المشاكل الصعبة | Solving unusual problems |
الوعي الذاتي | Self- awareness |
تعلم القواعد | Learning Rules |
السلوك الاجتماعي | Social Behaviour |
اتخاذ القرار | Making a decision |
التحفيز | Motivation |
بدء سلوك مناسب | Initiating appropriate Behaviour |
تثبيط سلوك غير مناسب | Inhibiting Inappropriate Behaviour |
التحكم في العواطف | Controlling Emotions |
التركيز و استيعاب المعلومات | Concentrating & taking in information |
الاضطرابات النفسية عموماًو خاصة الاضطرابات الوجدانية تتميز بارتباك و اختلال عمل ثلاثة شبكات رئيسية في الدماغ و تؤثر على أداء الانسان المعرفي.
١ الشبكة الأولى تدعى شبكة البروز Saliency Network(SN) و هي مثبتة في القشرة الحزامية الأمامية الظهريةAnterior Cingulate Gyrus. مهمة هذه الشبكة هو الانتباه الى ما هو المهم و البارز و التركيز عليه.
٢ الشبكة الثانية تدعى شبكة الموقع الافتراضي Default Mode Network(DMN) مثبتة في عدة نوى في القشرة الحزامية الخلفيةPosterior Cingulate Gyrus و القشرة الإنسية امام الفص الجبهي Medial Prefrontal Cortex. يتم تفعيل هذه الشبكة اثناء المراجعة الذاتية و الحد من فعاليتها اثناء فعاليات معرفية يتم تفعيلها بسبب وجود تحفيز خارجي.
٣ الشبكة الثالثة تعرف بالشبكة المركزية الادرايةCentral Executive Network(CEN) و هي التي تعرف بالنظام الأمامي الجداري Frontoparietal System و تشمل القشرة الجدارية الجانبية الخلفية Posterior Parietal Cortex و القشرة الجانبية الظهريةامام الجبهيةDorsolateral Prefrontal Cortex. هذه الشبكة تتحكم في الذاكرة العملية٫ و حل المشاكل٫ و السلوك الموجه.
تزداد فعالية هذه الشبكات مع القلق و ترتبك مع القلق المصاحب للوسواس القهري بالإضافة الى القلق الاجتماعي. اما في قلق STEM فان اختلال هذه الشبكات اكثر ملاحظةً في الذكور مقارنة بالإناث.
القلق عموماً يتكون من ثلاثة مراحل. هناك أولاً مرحلة عدم الارتياح و الانزعاج و يتبع ذلك الخوف و بالتالي السلوك التجنبي. الانسان الذي يعاني من قلق اجتماعي يشعر أولاً بحالة انزعاج من التواصل الاجتماعي و بعدها يدخل مرحلة الخوف من التواصل الاجتماعي ثم يتجنب التواصل الاجتماعي. يمكن القول بان الانزعاج من موقف ما بحد ذاته لا يعني وجود اضطراب نفسي و حتى الخوف من هذا الموقف٫ و لكن متى ما تطور الخوف الى تجنب يتم صياغة السلوك الأخير الى اضطراب نفسي.
كذلك الامر مع قلق STEM حيث يظهر الانزعاج في مرحلة ما من مراحل التعليم و احياناً من عمر مبكر. الرياضيات بحد ذاتها تفتح الطريق لتعلم و ادراك جميع العلوم٫ و تحرص الدول المتقدمة على إتقان تعليم هذه المادة و استحداث طرق تعليمية جديدة. و لكن مع تطور علوم التكنولوجيا الجديدة أصبحت التعليم اكثر تحدياً من قبل٫ و في المرحلة الجامعية تحدث طفرات هائلة احياناً في صعوبة المادة٫ و هذا ما يفسر ظهور هذه الاعراض فجأة في طالب جامعي يدرس هذه المواد بصورة مكثفة رغم إتقانه لها في المراحل السابقة.
الغالبية من الطلبة الذي يعانون من قلق STEM لا يتحدث عن انزعاجه و يحاول تجاوزه بنفسه. متى ما ظهر الخوف و تطور الى سلوك تجنبي تظهر اعراض القلق المختلفة و ذلك بدوره قد يؤدي الى طلب الطالب تغيير اختصاصه . لكن البعض منهم يستمر في معاناته من الاعراض و في النهاية تنتهي دراسته الجامعية مع فشله الانتقال من مرحلة الى أخرى.
قلق STEM قد يتحول الى اعراض اضطراب نفسي اخر و خاصة الوسواس القهريObsessive Compulsive Disorder(OCD) او الاكتئاب و لا بد من علاجه استناداً الى التوجيهات الصحية الطبنفسية. توجه الطالب في مرحلة مبكرة الى علاج نفسي و حصوله على مشورة نفسانيةPsychological Counselling يساعد الكثير على تجاوز القلق و الاستمرار في تعليمه.