اكتئاب مقاوم للعلاج (أ.م.ع) ليس بالمفهوم الجديد و هو ما تحدث عنه كربلين Kraeplin قبل اكثر من ١٠٠ عام. الاكتئاب كما هو معروف يداهم الانسان على شكل نوبات لا تقل مدتها عن أسبوعين و تتحسن تدريجياً بعد بضعة أشهر الى عام. لكن هذه النوبات تزور الانسان بعد فترة و المدة الزمنية بين النوبات المتكررة تتقلص تدريجياً مع تقدم العمر. هذا هو المسار المعروف للاكتئاب و الذي يتميز باستجابته للعقاقير المضادة للاكتئاب و احياناً العلاج النفسي أو كلاهما.
و لكن هناك مسارات اخرى للاكتئاب. هناك اكتئاب طفيف طويل الامد يتحول فجأة الى اكتئاب جسيم و بعد العلاج قد يتحسن المريض كليا أو يعود الى سابق عهده من اكتـئاب طفيف. هناك اكتئاب لا يستجيب للعلاج و يبقى كما هو. هناك اكتئاب نموذجي الأعراض يتميز بفقدان الوزن و قلة النوم و اخر غير نموذجي مع زيادة الوزن و النوم. هناك اكتئاب يتميز بشدة أعراض القلق و و يسميه البعض إضطراب قلق- اكتئاب و هناك مصطلحات متعددة اخرى مثل اكتئاب احادي القطب و اكتئاب ثنائي القطب و لكن جميع ذلك يمكن حصره تحت مظلة واحدة هي إضطراب وجداني اكتئابي .
في علاج الاكتئاب لا بد من قياس شدة الاعراض بصورة علمية لمراقبة خطة العلاج. المصطلحات المستعملة هي:
١ هدأة: احتفاء الاعراض كليا.
٢ استجابة: تحسن الاعراض بنسبة ٥٠٪ او اكثر.
٣ استجابة جزئية: تحسن الاعراض بنسبة اكثر من ٢٥٪ و اقل من ٥٠ ٪.
٤ عدم الاستجابة: تحسن الاعراض بنسبة اقل من ٢٥٪.
٥ الشفاء: احتفاء الاعراض كلياً.
نسبة الاستجابة في المرضى المصابين بالاكتئاب كالاتي:
أ.م.ع هي اكتئاب مزمن لم يستجيب لجرع علاجية لعقارين من مضادات الاكتئاب و لفترة طويلة. القاعدة العامة هي:
١ ثلث المرضى يستجيبون للعقار الاول.
٢ ثلث اخر يستجيب في المحاولة الثانية.
٣ يزداد عد المستجيبين للعلاج الى ما يقارب ٨٠٪ مع اضافة عقاقير اخرى.
٤ و يبقى ما لا يقل عن ٢٠ ٪ يعانون من أ.م.ع.
العلامات المبكرة. أ.م.ع
١ مدة الاكتئاب تتناسب طردياً مع مقاومته للعلاج. يفسر البعض حدوث ضمور في مناطق مخية بسبب الاكتئاب مع طول مدته و خاصة في منطقة الحصين.
٢ شدة الآكتئاب: من الغريب ان الاكتئاب الشديد جدا و الطفيف جداً اكثر مقاومة للعلاج.
٣ وجود أعراض سوداوية melancholic مثل:
٤ عدم حدوث أية استجابة للعلاج خلال أسبوعين من بدايته.
٥ وجود اضطرابات نفسية اخرى خاصة اضطرابات الشخصية مثل التجنبية و الحدية.
٦ كبار السن مع وجود أعراض قلق و أزمات بيئية.
العوامل وراء أ.م.ع
مفهوم أ.م.ع لا يتفق عليه الجميع و هناك من يسقط اللوم على الاسراف في استعمال العقاقير المضادة للاكتئاب و هذا بعيد عن الصحة تماما. الحقيقة هي ان العقاقير المضادة للاكتئاب نقلت علاج الاكتئاب الى منصة جديدة في الطب النفسي و العام٫ و هناك الاجماع على ان ٨٠٪ من المرضى يستجيبون لهذه العقاقير بصورة أو باخرى. لذلك من الأفضل الحديث عن العوامل التي تقف وراء عدم استجابة المريض للعلاج و هي:
١ عدم استعمال العقار لفترة كافية: لا يمكن الحكم على عدم فعالية عقاقير مضاد للكتئاب قبل الاستمرار عليه لمدة ٨ أسابيع و بجرعة علاجية.
٢ عدم الانتظام في استعمال العقار: هناك من يأخذ العقار يوما و يضعه جانباً يوماً اخر و هكذا. لا بد من استعمال العقار بصورة منتظمة كما ينصح الطبيب المعالج.
٣ الآعراض الجانبية: هناك من الأعراض الجانبية التي تدفع المريض الى توقيف العلاج و الانتظار الى موعد المراجعة القادمة. يجب ان يضمن الطبيب الاتصال لمريضه هاتفيا للتأكد من عدم ظهور مثل هذه الأعراض في الأسبوع الاول من العلاج.
٤ التشخيص الخاطئ: تشخيص الاكتئاب اصعب بكثير مما يتصور الكثير من الأطباء و يتطلب تدريباً مهنياً. أعراض الاكتئاب غير اضطراب الاكتئاب و يجب استشارة أخصائي في الطب النفسي للحصول على التشخيص الدقيق.
٥ العلاج الخطأ: على الطبيب المعالج اختيار العقار الصحيح و الجرعة الصحيحة.
٦ تفاعلات الأدوية مع بعضها البعض و هذا ما يجب ان ينتبه اليه الطبيب و الصيدلي على حد سواء. هذه التفاعلات قد تؤدي احياناً الى عدم استجابة المريض لعقار مضاد للاكتئاب.
٧ و جود اضطراب نفسي اخر لم ينتبه اليه الطبيب أو يتجنب علاجه.
٨ وجود مرض عضوي لم ينتبه اليه الطبيب و الذي بدوره قد يكون سبب الاكتئاب.
٩ عوامل وراثية: هناك حالات نادرة من اكتئاب يتميز بقوة عوامله الوراثية و عدم استجابته للعلاج. هذا النوع من الاكتئاب يجب التحري عنه من وقت مبكر و علاجه بقوة منذ الْيَوْمَ الاول لبداية العلاج.
١٠ الادمان على الكحول و المخدرات
١١ و اخيراً هناك العوامل البيئية من عائلية و اقتصادية و مهنية تقف حاجزاً في رحلة المريض نحو الشفاء.
معالجة أ.م.ع
لكل طبيب أسلوبه في التعامل مع أ.م.ع استناداً الى خبرته في هذا المجال. هذه هي الخطوات الكثيرة الاستعمال:
١ استعمال الجرعة القصوى للعقار.
٢ تغيير العقار من صنف الى الى اخر.
٣ جمع عقارين من مضادات الاكتئاب.
٤ استراتيجيات معززة مثل اللثيوم و الثيروكسين T3 و مضادات الذهان أو موازنات المزاج.
٥ التخليج الكهربائي مع وجود وهام شديد و أعراض سوداوية و تاريخ سابق للاستجابة للعلاج.
٦ تكثيف العلاج الكلامي و المساندة الاجتماعية و التشجيع على نمط يومي صحي و إيقاع منتظم.